قانون "الميسر أونلاين" يضبط السوق السوداء ويضاعف أرباح الكازينو... والخزينة -- Jun 26 , 2025 7
شهد كازينو لبنان ونظام لعب الميسر فيه منذ تأسيسه عام 1959 تغييرات عدة، ومحاولات هدفت إلى تطوير مختلف أنشطته السياحية والمطعمية، خصوصا قطاع ألعاب الميسر الذي حصر مرسوم تأسيس الكازينو عام 1954، به دون سواه، جميع ألعاب المقامرة.
المستجدات التقنية والتطور المفرط في استخدام التكنولوجيا الحديثة، بمختلف نواحي ألعاب الميسر والمراهنات، حتّمت ذهاب الدولة والمشرعين نحو تطوير قانون ألعاب الميسر، وعصرنة مواده وبنوده، للتماهي مع متطلبات العصر والواقع التكنولوجي من جهة، وحاجة اللاعب والسوق المحلية والعالمية من جهة أخرى.
إلا أن دهم الأجهزة الأمنية الأسبوع الماضي، بناء على إشارة النيابة العامة المالية، نقاطا ومحالّ ألعاب قمار عبر الإنترنت، وإقفالها بالشمع الأحمر بسبب مخالفتها القوانين وعدم حيازتها التراخيص اللازمة، أعادا تسليط الضوء على موضوع ألعاب الميسر والفوضى السائدة، وخصوصا بعد الدخول المفاجئ للمحققين إلى الإدارة العامة لشركة OMT والحصول منها على داتا التحويلات ذات الصلة بـ"القمار أونلاين"، وبعد الدهم "التقني" لمركز المعلوماتية في كازينو لبنان، واستحصال المحققين على المعلومات المخزنة في حواسيب الكازينو وخوادمه، (وقيل مصادرة بعضها)، وكذلك بعد تحريات أمنية وتقارير جدية، أشارت إلى أن أرباحا بمئات ملايين الدولارات من "القمار أونلاين" تتحقق بطريقة غير شرعية، وتخسرها المالية العامة، وتذهب إلى جيوب منتفعين وساسة وأحزاب ترعى الفوضى وتحمي المرتكبين.
التقارير أكدت تفشي ظاهرة "القمار أونلاين"، وباتت تتسبب بمشاكل ومعاناة اجتماعية وإنسانية خطرة، بعد انتشار نقاط المراهنات عن بعد، ومقاهي "المقامرة أونلاين" غير المرخصة على مختلف الأراضي اللبنانية، وجني الأرباح الطائلة من دون أي مسوغ قانوني، ولا تسديد أي من أشكال الرسوم أو الضرائب للخزينة العامة، ما حرمها عائدات تحتاج إليها بقوة في ظل الظروف الحالية الصعبة، وهي أجدى بها من المنتفعين والمدعومين ومخالفي القوانين.
لذا بدأ النواب درس اقتراح قانون تنظيم ألعاب الميسر ووضع ملاحظاتهم وتعديلاتهم على نظام "الهيئة الناظمة لقطاع العاب الميسر"، ليبدأ بذلك مشروع تطوير القوانين والتشريعات في قطاع حيوي، بما يمدّ الاقتصاد الوطني بالدعم والنشاط، ويرفد الموازنة العامة للدولة بعائدات معتبرة. تقدّر العائدات التي يحققها كازينو لبنان بنحو 16 مليون دولار شهريا، برغم عدم سيطرته المطلقة على سوق ألعاب القمار، وفق الحصرية التي يمنحها له القانون. ويمكن هذا الرقم أن يتضاعف، في ما لو تمكن الكازينو من السيطرة كليا على "اللعب أونلاين" والاستثمارات المرافقة له، وهو ما يسمح وفق أدنى التوقعات، بتحقيق عائدات بنحو ربع مليار دولار سنويا.
لكن تحقيق هذا العائد رهن بأمرين: الأول، إقرار المجلس النيابي قانونا عصريا وعمليا لتنظيم ألعاب الميسر، وخصوصا "اللعب أونلاين" بما يساعد في حماية الحصرية وتفعيلها، والثاني، تحرك الجهات الأمنية وتعاونها مع الكازينو وفي ما بينها لضبط المخالفات، وإبعاد المستغلين والمدعومين من السوق كليا، ومنعهم من "سرقة" حقوق وعائدات تعود إلى الكازينو نظريا، والدولة عمليا.
قبل أيام أقرت اللجنة النيابية الفرعية المنبثقة من اللجان النيابية المشتركة والمكلفة درس موضوع ألعاب "الميسر أونلاين"، اقتراح القانون بغية وضع إطار تنظيمي للقطاع للحد من انتشار مواقع ألعاب "الميسر عبر الإنترنت أونلاين" غير المرخصة، والتي تقدم خدماتها للبنانيين والمقيمين في لبنان خارج أي إطار قانوني لبناني، ووضع حد للعب مدمني ألعاب الميسر ومعالجتهم، وللعب القاصرين، وضمان شفافية الألعاب المعروضة، وضمان حصول اللاعب على أرباحه، ومنع التلاعب بنتائج المسابقات الرياضية، ومنع تبيض الأموال وتمويل الإرهاب، والإفادة من المردود المالي بهدف تطوير الرياضة وزيادة مدخول الخزينة، واستقطاب رؤوس أموال عربية وأجنبية إلى لبنان.
وفق اقتراح القانون، "لا تعتبر ألعاب الميسر قطاعا تجاريا أو خدماتيا عاديا، بل تخضع لإطار قانوني وضريبي مستقل وصارم، نظرا إلى تأثيرها المحتمل على صحة المواطنين والقاصرين وسلامتهم وثروتهم.
وينص على تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع، وهي هيئة إدارية مستقلة مهمتها الإشراف وتنظيم قطاع ألعاب الميسر عبر الإنترنت "أونلاين" في لبنان. ويتم تشكيل أعضائها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء.
ويحدد القانون فئات ألعاب الميسر المسموح بتنظيمها بعد الاستحصال على ترخيص من الهيئة الناظمة للقطاع بأربع: الرهانات على نتائج المسابقات الرياضية (في لبنان والخارج)، والرهانات على نتائج سباقات الخيل التي تجري في لبنان والخارج، وألعاب القمار الورقية عبر الإنترنت "أونلاين" (تكساس بوكراونلاين، بوكر اونلاين...)، وألعاب الكازينو عبر الإنترنت "أونلاين" والتي تشمل أيضا البينغو والسلوت ماشین Slot Machine.
بالنسبة إلى الشركات التي تريد الحصول على ترخيص، يحدد القانون رأسمال الشركة بمليار ليرة، على أن يقدم ضمان مالي مجمد طيلة مدة الترخيص بقيمة 50 مليار ليرة تودع في حساب مصرفي أو صندوق خاص لمصلحة الهيئة الناظمة، لتأكيد الملاءة وتسديد مجموع الأصول المستحقة للاعبين.
وعلى كل شركة حاصلة على الترخيص أن تلتزم كامل الموجبات القانونية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وأن يكون لدى الشركة المشغلة قسم خاص يعنى بمراقبة إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتطويرها بما يتطابق مع التشريعات اللبنانية المرعية.
القاصرون وألعاب الميسر
يحظر القانون على القاصرين المشاركة في أي ألعاب ميسر، حتى لو كانت من دون مقابل، بما فيها على مواقع التواصل الاجتماعي، على أن يعتبر قاصرا كل شخص لم يتم الحادية والعشرين من العمر. أما الشركة المشغلة فعليها "وضع آليات استبعاد ذاتي ومعتدل، إضافة إلى آليات تسمح للاعبين بوضع سقوف للإيداعات والرهانات وسقوف لوقت اللعب الفعلي. وتاليا على الشركة المشغلة أن تضع آليه لبيان حجم الخسارة المتوقعة للاعب شهريا، تتناسب مع مردوده المالي الشهري، على أن يكون حجم الخسارة الفعلي الكلي 30% حدا أقصى من أساس راتبه أو مردوده المالي الفعلي".
والأهم أن القانون "يحظر على أي مشغل مرخص له وأي مدير أو مساهم أو وكيل أو موظف لدى أي مشغل أو أي شخص ذي صلة بالشركة المشغلة أن يمنح اللاعبين قروضا مالية أو أن يضع مباشرة أو غير مباشرة آليات تسمح للاعبين بمنح قروض بعضهم لبعض".
سلوى بعلبكي - النهار